مقابلة مع المدير التنفيذي لمركز الملك عبدالله الثاني للتميز الدكتور إبراهيم الروابدة
الروابدة: التطوير الإداري في البلديات الرافعة الأساسية لتحقيق تقدم نوعي في الأداء البلدي
الروابدة: بعد أكثر من 100عام من عمر العديد من البلديات ما زالت الإدارة فيها تقليدية ولا تستند الى متطلبات الحداثة ولغة العصر
الروابدة: بعد دخولنا المئوية الثانية ولتحقيق انجازات حقيقيه على ارض الواقع تحتاج بلديتنا الى التركيز على تطوير آليات عملها في البعد الخدمي والتنموي وتعظيم نتائجها الخاصة برضا متلقي الخدمة والمواطنين.
تنفيذاً للتوجيهات الملكية بضرورة تعزيز أداء البلديات وإبراز أهمية دورها في تحقيق التنمية المحلية المستدامة، وانطلاقاً من رسالة مركز الملك عبدالله الثاني للتميز بنشر ثقافة التميز في الاردن، أطلق المركز الدورة الأولى من جائزة البلدية المتميزة بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية وبتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية/ USAID برنامج دعم اللامركزية والحكم المحلي CITIES، حيث جاء إطلاق الجائزة بعد تأكيد جلالة الملك عبدالله الثاني خلال الجلسة الختامية لمؤتمر البلديات الأول عام 2019، على ضرورة تحفيز وتكريم البلديات التي تقوم بدورها بتميز في العمل التنموي والمشاريع الإبداعية التنموية، ومسؤوليتها الكبيرة في التنمية والتشغيل والحفاظ على نظافة وجمالية مدننا الأردنية. هدفت الجائزة الى التالي خلق التنافس الإيجابي بين البلديات لتقديم أفضل الخدمات وتطوير وترسيخ قيم التخطيط الاستراتيجي وإدارة العمل البلدي وإحداث نقلة نوعيه في العمل البلدي وتحقيق انجازات حقيقيه على ارض الواقع وتعزيز مفاهيم إدارة الموارد بكفاءة وفاعليه. وتضمنت جائزة البلدية ثلاث فئات رئيسية هي فئة البلدية المتميزة والمدير التنفيذي المتميز وموظف البلدية المتميز، كما تعتبر المشاركة في الجائزة إلزامية لكافة البلديات في المملكة الأردنية الهاشمية حيث تم تقسيم هذه البلديات إلى 3 مستويات وهي مستوى أول وثاني وثالث لكل مستوى جائزة.
وللحديث عن مخرجات الجائزة كان اللقاء مع د. إبراهيم الروابدة المدير التنفيذي للمركز
قبل ان نبدأ ممكن ملخص لحجم المشاركة وملخص لأهم النتائج التقييم للمشاركين في الجائزة ودلالاتها
شملت عملية التقييم ما طورته البلديات المشاركة ونفذته من مشاريع ومبادرات وتقديم خدمات وما حققته من نتائج للسنوات الثلاث الماضية 2018-2020 بناءً على معايير الجائزة. تمت عملية التقييم على مرحلتين: الأولى مرحلة التقييم المكتبي لاختيار أعلى 10 بلديات من كل فئة وتأهيلها الى مرحلة التقييم الميداني حيث تم زيارة 33 بلدية لهذا الغرض. وأما فيما يخص فئة المدير التنفيذي المتميز، فقد شارك 30 مديرا تنفيذيا ممن تنطبق عليهم شروط المشاركة في الجائزة بواقع 5 عن الفئة الاولى و19 عن الفئة الثاني و6 عن الفئة الثالثة. وأما عن فئة موظف البلدية المتميز، فقد شارك 41 موظف بلدية ممن تنطبق عليهم شروط الاشتراك بالجائزة بواقع 8 عن الفئة الاولى و25 عن الفئة الثانية و8 عن الفئة الثالثة.
اما بالنسبة للنتائج فقد بلغ معدل علامات التقييم للبلديات من الثلاث فئات 216/1000 وأما فيما يخص جائزة المدير التنفيذي المتميز فقد بلغ معدل علامات التقييم للمدراء التنفيذين 30/100 وفيما يتعلق بجائزة موظف البلدية المتميز فقد بلغ معدل علامات تقييم موظفي البلديات 30/100. أهم استنتاج يمكن ان نخرج بها هنا من مخرجات عملية التقييم هنا ان هذه الصورة عن الإدارة في البلديات لا ترتق للمستوى المطلوب وتحتاج الى تغيير جذري في النهج والتطبيق في إدارة البلديات بعد دخولنا المئوية الثانية للمضي قدما في رحلة التميز. لقد قررنا في المركز وبالرغب من كون هذه النتائج لا تلبي الطموح للمرحلة القادمة ان نكرم الفائزين الذين وضعوا أولى خطواتهم على اعتماد وتطبيق متطلبات الإدارة البلدية الحديثة وتميزها.
ماذا عن التقييم الكلي والصورة المتكاملة لإدارة القطاع البلدي التي استطعتم رسمها عن واقع حال البلديات؟
يعتمد تحسين تنفيذ عمل البلديات على كيفية أداء وظيفتها الأساسية، بحيث لا يمكن الحصول على الصورة الكاملة للقطاع البلدي ما لم يتم إجراء نموذج تقييم للمشاركين في القطاع بأكمله. لذلك، تم تحديد الصورة الكاملة حول الثقافة المؤسسية، وكفاءات الموظفين، وتوافر الموارد، وإشراك أصحاب العلاقة، والمراقبة والتقييم، وتخطيط الموارد المالية والبشرية، وإدارة الأداء. وهذا يعيق الأداء اليومي الفعال والقدرة على الصمود أمام التحديات، فضلاً عن التخطيط وصنع القرار على المدى الطويل. سابقاً كان هنالك غياب مؤسف لممارسات التقييم المتكررة التي تقيم الأداء الإداري في القطاع البلدي، والتي تعتبر ضرورية لإدارة البلديات، لذلك جاءت الجائزة لتوفر أداة تقييم تنظيمية متكاملة مبنية على أفضل الممارسات للحصول على الصورة الكاملة لواقع الحال في هذا القطاع المهم.
ماذا عن دور القيادات العاملة في البلديات وأثرها على الأداء المؤسسي؟
لم يبين قيام فريق لقيادة والإدارة العليا في معظم البلديات على تطوير رؤية ورسالة ومنظومة قيم مؤسسية والعمل على إيصالها إلى جميع الفئات المعنية داخلياً وخارجياً، لضمان حشد الجهود لتبنيها والعمل على تحقيقها. كما لم يتم استخدام آليات محددة تساهم في تمكين الموظفين وتفويض المسؤوليات على جميع المستويات الوظيفية، أو استخدام خطة محددة للتواصل الفعال بين جميع أصحاب العلاقة. وبشكل عام، من أهم أسباب لتحسين الإنتاجية والأداء في البلديات ضرورة وجود تناغم وعلاقات مهنية سليمة وصحية بين فريق الإدارة العليا من جهة، وبين فريق القيادة والموظفين من جهة أخرى.
هل تستمع البلديات لمن تخدمهم وتلبي احتياجاتهم وفق تشاركية معهم؟
لا توجد خطط واضحة للتواصل الفعال بين البلديات وجميع أصحاب العلاقة مثل ممثلين عن المواطنين والمجتمع المحلي والشركاء والمرأة والشباب. اوجدت مخرجات عملية التقييم ان عدد من البلديات يتبع آليات مشاركة محدودة مع مجموعة من أصحاب العلاقة تستخدم في تطوير وتنفيذ خطط ومبادرات البلديات خاصة تلك المتعلقة بالخدمات. كما توجد ممارسات خجولة وآليات محدودة في البلديات فيما يتعلق بكيفية تعزيز المشاركة المجتمعية مثل تشجيع المواطنين على تقديم المقترحات والشكاوى، وعقد اجتماعات عامة للمواطنين أو ممثلي النخب المحلية لمناقشة القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والاكتفاء بالاعتماد على آراء المستشارين والخبراء لتحديد احتياجات المواطنين.
ماذا عن التخطيط الاستراتيجية الفعّال في البلديات؟
أظهرت نتائج التقييم بأن عدد محدود من البلديات استخدم نهجاً سليماً لإعداد خطتهم الاستراتيجية من خلال تطبيق أدوات التحليل للبيئتين الداخلية والخارجية ومع ذلك، لم يتم اشراك أصحاب العلاقة في اعداد الخطط الاستراتيجية لضمان التنسيق وبناء شراكات فعالة، كما لم يتم ربط خططهم مع استراتيجية وزارة الإدارة المحلية أو أي توجهات استراتيجية وطنية. ولم تقم البلديات بتصميم وتطبيق أدوات وأساليب تساهم في دعم استشراف المستقبل وقياس أثر التغييرات والتطورات التي تصاحب طبيعة بيئة عمل البلديات. بالإضافة إلى ذلك، لم تعمل على تطوير خطط تشغيلية لترجمة خططها الإستراتيجية. وما زال النضج المؤسسي والمعرفي لدى البلديات في مجال التخطيط الاستراتيجي محدود.
كيف وجدتم مستوى ونضج نظم العمل الإدارية المستخدمة في البلديات؟
إن وجود الأنظمة إدارية مطبقة هو أحد الامور الضرورية لعمل البلدية لذلك بان من خلال نتائج التقييم ضروري مراجعة نظم العمل المستخدمة في البعد الإداري ودراسة ملائمة التعليمات والأنظمة والقوانين القديمة المستخدمة حاليا التي قد لا تتناسب كليًا أو جزئيًا مع عمل البلديات في عصر التكنولوجيا والرقمنة. كما لا تزال البلديات تواجه العديد من المعوقات والصعوبات التنظيمية التي تعيق عملها عن أداء دورها بكفاءة وفاعلية. ولعل أهم هذه المعوقات هو عدم وجود الهياكل التنظيمية الصحيحة في معظم البلديات حيث تحتاج إلى تحديث الهياكل التنظيمية بما يساعدها على أداء واجباتها وزيادة أنشطتها. كما انه من المعروف أن البلديات لها نطاق واسع وعدد كبير من الواجبات والمسؤوليات والخدمات (مسؤولة عن الانسان من المهد الى اللحد) .
ماذا عن المورد البشري وإدارته في البلديات؟
بينت نتائج التقييم ان معظم العاملين في البلديات يتمتعون بمهارات وخبرات محدودة فيما يتعلق بالعمل البلدي ولا يوجد تطابق مع متطلبات فئات الوظائف والهيكل التنظيمي والتوجهات الاستراتيجية على الرغم من إجراء العديد من الدورات التدريبية لمعظم البلديات خاصة من قبل الجهات المانحة. كما لا توجد خطط واضحة لتحديد الاحتياجات التدريبية للموظفين وفقًا لتوصيات نتائج التقييم السنوي والوصف الوظيفي. كما لا يوجد في البلديات خططاً للتواصل الفعال والدوري مع الموظفين. اما عن نظم إدارة الموارد البشرية فيما يتعلق بالترقية، والتعاقب الوظيفي، وتقييم الأداء، والاهتمام بالنوع الاجتماعي، وقياس الرضا الوظيفي، وتحديد الاوصاف الوظيفية، ونظام المكافآت والحوافز، ودعم قضايا النوع الاجتماعي(الجنس)، وتفويض الصلاحيات فمعظمها غير موجود او مطبق الا ما ندر.
كيف هو مستوى كفاءة وفعالية تقديم الخدمات والخدمات الإلكترونية في البلديات؟
أظهر نتيجة التقييم انه لا توجد لدى البلديات خطط واضحة لتحسين وتطوير وتقديم خدماتها. بالإضافة إلى ذلك، فإن اعتماد آليات لتبسيط إجراءات تقديم الخدمات، وإنشاء قنوات اتصال مع متلقي الخدمة لتلقي شكاويهم ومقترحاتهم، وتصنيف الخدمات إلى رئيسية وثانوية، واعتماد مفهوم خدمات النافذة الواحدة غير واضح او غير مطبقة بشمولية. اما فيما يخص التحول الإلكتروني/الرقمي فلم تعتمد البلديات خطة واضحة للتحول الالكتروني/الرقمي تتماشى مع التوجهات الوطنية على وجه الخصوص، بما في ذلك التحرك نحو عملية أتمتة ورقمنة الخدمات وتوفير البنية التحتية اللازمة، وتوفير برامج تدريبية لبناء قدرات الموظفين في المجال الرقمي.
ماذا عن البعد الخاص بالإدارة المالية في البلديات؟
تواجه البلديات في الأردن وضعاً مالياً حرجاً يجعلها غير قادرة على أداء واجباتها الأساسية نتيجة لضعف الإيرادات المالية والدعم الذي تقدمه الجهات الرسمية لتنفيذ الخطط والبرامج. كما ان معظم البلديات عليها ديون مالية مرتفعة، وعجز في الميزانية، وضعف في أدوات التحصيل، وإدارات مالية غير فعالة. كذلك يوجد تطبيق محدود لأدوات الرقابة المالية في البلديات من خلال التدقيق الداخلي والخارجي واعتماد ممارسات لترشيد الإنفاق مثل استخدام الطاقة المتجددة وتحويل مصابيح إنارة الشوارع إلى إضاءة موفرة للطاقة. كما ان معظم البلديات لم تقم بإعداد خطط وسياسات مالية طويلة ومتوسطة وقصيرة المدى وفق تنبؤات مالية للنفقات والإيرادات دقيقة، ودراسة التقديرات السنوية المستقبلية. بالإضافة إلى ذلك، لا توجد خطط استثمارية واضحة في البلديات لزيادة الإيرادات بهدف تنويع مصادر الدخل.
الى اين وصل مفهوم الإدارة القائمة على النتائج في البلديات؟
لم تعمل معظم البلديات على تبني مفهوم نظام إدارة الأداء والنتائج، حيث لا يوجد نظام واضح يتضمن آلية مراقبة وتقييم واضحة لجميع الخطط والأنشطة والمبادرات ومؤشرات الأداء، وإصدار التقارير ذات العلاقة لمجالس إدارة البلديات مع إجراءات تصحيحية مناسبة وفق نتائج التقييم ومتابعة مؤشراته. وأكثر ما يمكن ان يقال في هذا البعد ان الحاجة ماسة لتطوير نظم إدارة الأداء المؤسسي الشامل يتضمن تحديد مؤشرات أداء رئيسية وفرعية يتم قياسها بشكل دوري ويتضمن إصدار تقارير دورية عن مستوى الإنجاز في البلديات.
كيف كانت الاستعداد في البلديات في إدارة المخاطر (أزمة فيروس كورونا مثالاً)؟
اظهرت النتائج ان البلديات لا تمتلك خطط واضحة لإدارة المخاطر يتم من خلالها تحديد أهم المخاطر وتصنيفها (استراتيجية/ مالية /عمليات ...) وتقييمها من حيث درجة المخاطر وإمكانية حدوثها والعمل على تطوير خطط لكيفية التعامل مع كل نوع من أنواع المخاطر. كما لم تتوفر خطط واضحة لمواجهة التحديات غير المتكافئة التي فرضتها جائحة فيروس كورونا (COVID-19) وكان هنالك تفاوت بين البلديات في هذ البعد.
ماذا عن تقييم مستوى النظافة في البلديات؟
أظهرت نتائج التقييم محدودية وجود خطط في البلدية لإدارة النفايات والعمل على توفير وبناء قدرات الجهاز الإداري المختص لتنفيذ عمليات إدارة النفايات والتنسيق مع أصحاب العلاقة في آليات التخلص من النفايات. كما ان هنالك محدودية عند البلديات في برامج التوعية المجتمعية لإدارة النفايات لتقليل كميات النفايات وإعادة إستخدامها وتدويرها والتخلص الآمن منها فضلا عن ضعف واضح في أتمتة عمليات إدارة النفايات.
كلمة أخير كيف نصنع بلدية متميزة؟
أولا التميز رحلة لا تنتهي كلما وصلت الى محطة يجب ان تنطلق الى محة أكثر تحديا وانجازا. لذا البلدية المتميزة هي البلدية التي تحقق وتحافظ على مستويات أداء متفوقة تلبي وتتجاوز احتياجات وتوقعات جميع أصحاب العلاقة المعنيين، وترتكز على تبني مجموعة قيم والالتزام بها من قبل كافة العاملين فيها.